سماح محاميد.. من أم الفحم إلى الأقصى وبالعكس!

القدس المحتلة - القسطل: تقول خرائط "غوغل" إنّ المسافة بين مدينة أم الفحم في منطقة المثلث شمال فلسطين والمسجد الأقصى في القدس المحتلة لا تقلّ عن ١٢٠ كيلومترًا. طريقٌ طويل وشاقّ تقطعه سماح محاميد لترابط في المسجد الأقصى، ولتقف سدًّا في وجه مخططات المستوطنين الباحثين عن موطئ قدم لهم فيه. 

والأمر لا يتوقّف عند طول المسافة التي تقطعها الشابة الفحماوية للوصول إلى "أولى القبلتين"، وفقًا لـ “غوغل" الذي لا يعرف كيف يحسب المشقّة، ووعورة طريق الأقصى المعبّدة بالمصاعب والأشواك، والاعتقال والإبعاد والتنكيل.

 وبالطبع فإن سعي سماح محاميد الحثيث والمستمر، لا يعني حتميّة السماح لها بعبور عتبات المسجد، وهي التي في جعبتها ١٠ مرّات إبعاد، وأكثر منها على شكل استدعاءات لدى شرطة الاحتلال، وبين الإبعاد والاستدعاء مرّات من الضرب والاعتداء والتنكيل في أزقّة البلدة القديمة.

وفي اليوم الذي اتّصلنا بها لتروي لـ"القسطل" قصّة رباطها في المسجد الأقصى، كانت سماح محاميد تتجهّز لحضور مقابلة في مركز الخضيرة بالداخل المحتل، عقب استدعائها من قبل شرطة الاحتلال، للتحقيق. 

تقول سماح إنّها "تربّت على حُبّ الأقصى منذ الصغر" غير أنّ الفصل الأوّل من حكاياتها معه عن قرب بدأت عام ٢٠١٨، حين بدأت الرباط في المنطقة الشرقية من الباحات، وتحديدًا في ساحة مصلى باب الرحمة، أي قبل عام من فتحه. 

تتحدّث سماح عن محاولات الاحتلال التي لا تتوقّف، لإقصاء المرابطين السّاعين للوصول للمسجد الأقصى والرباط فيه، ورغم ذلك فإنّ هذه المحاولات ليست أكثر من "إبعاد جسدي" لا "روحيّ" كما تقول سماح. 

١٥ يومًا.. الإبعاد الأوّل

بعد نشاح سماح محاميد الملحوظ في الأقصى، مواظبتها الحضور إلى المسجد والرباط فيه، اعتقلها عناصر شرطة الاحتلال من "باب الرحمة" عام ٢٠١٨، بتهمة "عرقلة مسار المستوطنين والشرطة" أثناء اقتحامهم للمسجد. بعد ذلك تقرر إبعادها عن الأقصى مدة ١٥ يومًا.

الاستدعاءات بعد ذلك في نفس العام، وخضعت للتحقيق في مركز المخابرات الإسرائيلية بمدينة الخضيرة، ووُجهت لها تهمة الانتماء للحركة الإسلامية المحظورة، ولما تُطلق عليه منظومة الاحتلال تسمية "منظمة المرابطين".

أثناء جلسة التحقيق التي استمرّت على مدار أربع ساعات، تلقّت سماح محاميد تهديدات بالسّجن، ووصفها المحقق بـ "العنيدة" و"المتطرّفة". 

وتقول سماح محاميد إنّ ملاحقة الاحتلال لها لم تتوقف حتى اليوم؛ إذ وصلت مرّات إبعادها عن الأقصى إلى ١٠، كما تلقّت ما مجموعه ١١ استدعاءً.

وتشير إلى أنّ سلطات الاحتلال أبعدتها خلال شهر رمضان الأخير لمدة ستة أشهر، ثم جرى تمديد الإبعاد قبل انتهائه بأسبوعين، وذلك لأربعة أشهر أخرى، كما تقول سماح التي تبيّن أن الاحتلال لم يكتف بإبعادها والتحقيق معها في مركز القشلة بالقدس المحتلة، بل وصلها في آخر مرّة استدعاء للمنزل للخضوع للتحقيق في مركز الخضيرة.

مواقف أثناء الرباط في الأقصى

تقول سماح إنّها لن تنسى ليلة تمديد اعتقالها عام ٢٠١٩ في سجن الرملة، بعد اعتقالها مع سبع مرابطات من داخل الأقصى.

وتشير إلى أنّ هذا الاعتقال أعقبه إبعاد عن المسجد الأقصى لمدة ثلاثة أشهر، وفي العام ذاته، جرى منعها من السّفر بالحافلات التي تخرج من أم الفحم لشدّ الرحال إلى الأقصى، إذ هددت سلطات الاحتلال أصحاب الشركات وسائقي الحافلات بأنه سيتم حجز الحافلة، وتسجيل غرامة مالية في حال تواجد الشابة سامح في إحدى الحافلات. 

أمّا "الشعور الأصعب" الذي عايشته سماح فكان اقتحام يوم ٢٨ رمضان عام ٢٠٢١، إذ نجت من رصاصة قنّاص "بلطف من الله". كما تعرّضت للضرب والركل من أربعة جنود أثناء صلاتها في مصلى باب الرحمة، وجرى طردها من الأقصى في الثامن من شهر ذو الحجة. 

وتعرضت محاميد أيضًا، للشتم والسحل على أبواب المسجد الأقصى، عدا عن تحريض إعلام المستوطنين عليها بشكلٍ كبير.

ورغم كلّ ما تتعرّض له، تُصرّ سماح على البقاء على عتبات الأقصى وعند بوّاباته في كل مرة يتم إبعادها عنه. وتقول إنّها تفعل ذلك "لإثبات حقّها" ولأنّ الإبعاد لن يثني من عزيمتها، وإصرارها بأنّ الأقصى حقّ شرعي لها، وبكامل مساحته.

وتشدد سماح محاميد ابنة أم الفحم في حديثها لـ "القسطل" بأنّ طريقها للأقصى، طريقٌ طويل، يحتاج الصّبر والثبات، وأنّها ستظلّ الوفيّة لقبلة المسلمين الأولى، ومسرى النبيّ الكريم.

رابط مختصر