الأزمة تتفاقَم.. إغلاق مشفى المقاصد أمام المرضى بسبب "الرواتب"
القدس المحتلة - القسطل: إن الأزمة المالية التي تمر بها مستشفى جمعية المقاصد الخيرية في القدس المحتلة، ليست وليدة اللحظة، وإنما تعاني منها منذ سنوات طويلة بسبب الديون المتراكمة على السلطة الوطنية الفلسطينية والتي باتت تشكّل عبئًا كبيرًا على المستشفى، ما يهدّد عملها وتقديمها للخدمات الصحية لكافة أبناء شعبنا الفلسطيني.
منذ نحو خمسة شهور، لم يتلقّ موظّفو المستشفى رواتبهم المتراكمة حتى اليوم، حاولوا جاهدين مع إدارتها إيجاد حلّ لكن لأسباب سنستوضحها في هذا التقرير، اضطرت نقابة العاملين في المستشفى أن تعلن عن إضراب شامل وإغلاق كافة الأقسام ومركزيْ “القدس” و”أبو ديس” (تابعان للمشفى) وعدم استقبال المرضى اليوم الإثنين، باستثناء الحالات الطارئة.
وقال عضو نقابة العاملين وأمين الصندوق محمد مشاهرة لـ”القسطل” إنهم لم يعلنوا عن الإضراب إلّا بعدما فقدوا الأمل من إدارة المقاصد في إيجاد حلول لرواتب الموظفين ومستحقاتهم، لعدم حصولها على ردود من وزارة المالية الفلسطينية، ومجلس الوزراء الفلسطيني.
وأضاف: "اضطررنا لإغلاق المستشفى بشكل كامل بأقسامه وفروعه، وتنفيذ خطوات احتجاجية شديدة، وعدم التراجع عن هذا الموقف إلا بدفع مستحقات عام 2020 كاملة".
وأشار إلى أن الأسباب المالية التي تمر بها “المقاصد” هي رسالتها الواضحة، فهي مؤسسة خيرية إسلامية هدفها ليس ماديّ وإنما إنساني بحت تقدّم الخدمات الصحية لكافة أبناء شعبنا دون استثناء.
وأوضح أن موظفي المستشفى لم يحصلوا على رواتبهم منذ نحو خمسة شهور، وأن ديونهم على المشفى بلغت نحو 24 مليون شيقل، مؤكدًا على العجز المالي الذي تواجهه المشفى، وقال: “نعلم أن العجز كبير، لكن ما يهمنا كنقابة عاملين، هو مطلب الموظفين في إغلاق ملف رواتبهم لعام 2020”.
كما طالب مشاهرة على لسان نقابة العاملين، بإرجاع الموظفين المفصولين بسبب “المنع الأمني” إلى مواقعهم، وفتح مركز الرام (شمال القدس) وإعادة المفصولين منه للعمل، وأضاف: “نطالب بحقوق الموظّف حتى يشعر بالأمان الوظيفي داخل هذه المؤسسة”.
أمّا المدقّق الطبي في مستشفى المقاصد، د.علي الحسيني قال لـ"القسطل" إن الوقفة التي دعت لها النقابة اليوم، سببها عدم تلقّي الموظفين رواتبهم بصورة منتظمة خلال عام 2020 وحتى هذا اليوم، ما أدى إلى تراكم الرواتب على مستشفى المقاصد.
وأوضح أنه تم اتخاذ إجراءات عرقلة للعمل صباح اليوم، ولم يتم استقبال المرضى، باستثناء الحالات الطارئة، مؤكدًا على اتخاذ إجراءات تصاعدية في حال لم تتم الاستجابة لمطالب النقابة.
وأكد أن المسؤول عن الأزمة المالية في المستشفى هي وزارة الصحة الفلسطينية، لأنه يعتمد على 70 إلى 75 بالمائة من الدخل الذي يصل من الصحة مقابل الخدمات التي يقدّمها العاملون للمرضى المحوّلين من قبلها.
وقال إن “طريقة تعامل السلطة الفلسطينية وتلكؤها في دفع المستحقات وتأخرها في ذلك أوصلنا إلى هذه المشكلة، وهذه مشكلة ليست وليدة اليوم بل منذ سنوات، ما أدى لتراكم الديون، وخلق وضع مالي سيء بالنسبة لمستشفى المقاصد”.
هيثم الحسن، العضو في إدارة مستشفى المقاصد ومسؤول قسم الجراحة أوضح في تقرير سابق لـ“القسطل” أن المشفى يدفع للموظفين جزءًا من الراتب منذ شهر آذار 2020، بسبب فقدان 80% من الإيرادات بعد وقف التحويلات الطبية من مشافي الضفة، مشيراً إلى أن الوضع الحالي أفضل بقليل من السابق، مع عودة 65% من التحويلات الطبية، فيما لا زالت تحويلات غزة التي تمثل 40% من إجمالي التحويلات، متوقفة.
وعن بعض تفاصيل الأزمة المالية قال الحسن إن الحكومة الفلسطينية خصمت من فاتورة المستشفى 68 مليون شيقل، إضافة إلى تراكم فواتير على المرضى بقيمة 20 مليون شيقل منذ العام 2015، تمكن المستشفى من تحصيل 600 ألف شيقل منها فقط.
وأردف أن حكومة الاحتلال أيضًا حجزت على الحساب الخاص بالمشفى في البنوك “الإسرائيلية”.
وأوضح الحسن أن أزمة المشفى ما هي إلا حلقة مفرغة، في ظل الأزمة المالية للحكومة الفلسطينية، التي تجعلها غير قادرة على صرف مستحقات المستشفى، الذي بات غير قادر على صرف مستحقات موظفيه، ليصل بهم الحال إلى عدم المقدرة على سداد التزاماتهم أيضاً.