كورونا في عناتا.. أين دور السلطة والصحة فيما يجري في البلدة؟
القدس المحتلة - القسطل: عندما لا تجد مكانًا لك لتُعالج فيه من وباء كورونا، اعلم أن بيتك هو الملجأ الوحيد الآمن لك، لكن ماذا عن الأكسجين والأدوية والمعدّات اللازمة حتى تستعيد عافيتك، هل لديك القدرة على توفيرها؟ وماذا لو كنت غير قادر على تلبية كافة احتياجاتك أو احتياجات مريض كورونا لدى عائلتك؟.
إن غالبية مرضى فيروس كورونا في بلدة عناتا شمالي شرق القدس المحتلة، يُعالجون داخل منازلهم فلا المشافي في رام الله باتت تستوعب حاجة الأعداد الكبيرة من المُصابين بالفيروس لدخولها، ولا الاحتلال يسمح لهم بدخول مشافي شرقي القدس للعلاج فيها.
يقول رئيس بلدية عناتا طه نعمان في حديثه لـ”القسطل”: “مرضى كورونا في عناتا لا يوجد لهم أي مكان في حال احتياجهم للعلاج في المشافي، سوى “هوغو تشافيز” أو “مجمع فلسطين الطبي” في رام الله، ومشافي شرقي القدس التي حُرمنا من العلاج فيها”.
ويضيف أن أهالي عناتا ممن يحملون الهوية الفلسطينية حُرموا من العلاج في القدس بسبب الاحتلال أولًا، والمعيق الثاني هو عدم وجود تحويلات من قبل السلطة الفلسطينية إلى مشافي القدس، وبالتالي لا يتم تحويل مرضى كورونا للمطلع أو المقاصد مثلًا.
وأكد أن غالبية أهالي عناتا ممّن كانوا بحاجة لدخول المشفى إثر إصابتهم بفيروس كورونا، عالجوا أنفسهم في بيوتهم وعلى نفقتهم الخاصة من شراء الأكسجين وجهاز الضغط والحرارة والأدوية اللازمة.
وعن تجربته الشخصية، يقول نعمان: “أُصبت بفيروس كورونا، خلال الأيام الأولى لم يكن هناك أية أعراض علي، لكن الصحة لم تسأل بي لا من خلال اتصال هاتفي أو عبر رسائل الجوال، لكنّ الأمر ازداد سوءًا، وأُصبت بالتهابات حادة على الرئة، وبقيت 13 يومًا على الأكسجين أُعالج نفسي في بيتي، وأتابع مع عدد من الأطباء عن بُعد إما عبر الماسنجر أو الواتس اب”.
وقال: “نعم.. كانت لدي القدرة على شراء جهاز أكسجين وأدوية وعلاج، لكن هناك الكثير لا يستطيعون ذلك!”.
ماذا عن المراكز الطبية في عناتا؟ .. لا يوجد أي مركز تابع للسلطة الفلسطينية بالبلدة
من المعروف أن أهالي بلدة عناتا بعضهم يحمل الهوية “الإسرائيلية- الزرقاء”، والبعض الآخر يحمل الهوية الفلسطينية، ففي البلدة لا يوجد أي مركز تابع للسلطة الفلسطينية بحسب نعمان.
ويضيف أن مرضى كورونا ممّن يحملون الهوية “الإسرائيلية” يُعالجون في مراكز تابعة لصحة الاحتلال مثل “كلاليت، ميئوحيدت..”، لكن من يحمل الهوية الفلسطينية فأمامه خيارين إمّا أن يُعالج في مشفى رام الله وهوغو تشافيز، أو مشافي شرق القدس، لكن لا يوجد تحويلات كما ذكرنا سابقًا.
ويشير إلى أن البلدية تمكنت من بناء مركز طبي بمواصفات أوروبية من خلال تمويل الـUNDP بقيمة 282 ألف دولار قبل نحو خمس سنوات، حيث قُدّم لوزارة الصحة لتشغيله، لكن حتى اليوم كانت ردود الوزراء المتعاقبين، أن السلطة غير قادرة على تفعيل المركز بحجة عدم وجود كادر طبي.
وعقّب على ذلك قائلًا: “من حق 30 ألف مواطنًا في عناتا من حملة الهوية الفلسطينية أن يُعالجوا في بلدتهم، ودور الوزارة تأمين مركز طبي لهم ما دامت غير قادرة على تأمين العلاج لا في القدس بسبب الاحتلال ولا في رام الله بسبب عدم قدرة المشافي على تحمّل الأعداد الكبيرة التي تصلها”.
وبسبب ضعف أداء وزارة الصحة في تشغيل المركز الطبي الممول من الـUNDP، لم تستطع البلدية إقامة أي مشروع في عناتا خلال الخمس سنوات الماضية، حيث قالت إنه كان بالإمكان إقامة متنزه أو حديقة للأطفال بدل المركز الطبي الذي لم يُشغّل حتى اليوم.
ماذا عن الالتزام بالإغلاقات؟ “عناتا سوق سودة للمناسبات”
بعض المناطق في بلدة عناتا تقع ضمن حدود بلدية الاحتلال في القدس، والبعض الآخر صُنّفت ضمن مناطق “بي” و”سي”، يوضح نعمان أن أسوأ ما حصل ويحصل هو أن القاعات في البلدة لم تُغلِق أبوابها البتّة.
ويشير إلى أن بلدية الاحتلال استطاعت أن تُغلق القاعات الواقعة داخل حدودها ضمن الإغلاقات التي فرضتها حكومة الاحتلال في القدس وضواحيها، لكن القاعات الواقعة في مناطق “بي” و”سي” لم يُطبّق القانون بحقّها من قبل الأجهزة الأمنية الفلسطينية.
ويؤكد نعمان أن بلدية عناتا طالبت السلطة الوطنية والأجهزة الأمنية أكثر من مرة، لوقف عمل القاعات، حيث أن أي شخص لم يستطع إقامة زفافه في الضفة والقدس بالتزامن مع الإغلاقات، كان يُقيمه في قاعات عناتا، قائلاً: “ عناتا أصبحت سوق سودة للمناسبات”.
وبحسب رئيس البلدية فإن أي قاعة يتم فتحها سواء لعرس أو لعزاء، بعد عدة أيام يكون لها قائمة خاصة بمُصابي كورونا ممن أُصيبوا خلال عرس فُلان أو عزاء فلان.
يحدّث نعمان "القسطل" عن عريس مكث مدة 25 يومًا في المشفى بعد حفل زفافه، ولم يتمكّن من الخروج إلّا قبل أيام قليلة فقط.
وعن دور الأجهزة الأمنية الفلسطينية في بلدة عناتا، يقول إنها تقوم بفرض الإغلاق على المحال التجارية، متسائلًا ما الفائدة من إغلاقها في المناطق الخاضعة لسيطرتها، في الوقت الذي يُسمح للمحال الأخرى الواقعة ضمن حدود بلدية الاحتلال بفتح أبوابها، فتُصبح مكتظّة بسبب تهافت الناس عليها.
ويؤكد أن دور الأجهزة الأمنية في عناتا لا يتعدّى الساعتين أو الثلاثة، لكن الأمر بحاجة لردع وتركيز أكبر على القاعات بالتحديد، والتي لم تُغلق أبوابها أبدًا منذ بدء الجائحة، والضغط على أصحابها، وبذلك نكون قد حلَلْنا 60 أو 70 بالمائة من المشكلة في البلدة.