إضرابٌ في فلسطين ورباطٌ في الأقصى والشيخ جراح وفرصةٌ للاستباك
القدس المحتلة - القسطل: الإضراب الشامل يوم غد في كلّ فلسطين المحتلة، من النهر إلى البحر، بات حديث الساعة في الشارع الفلسطيني، لكن هل يكون الإضراب كما تعوّدنا عليه في السابق، أم أن علينا أن نتنبّه لعدّة أمور من أهمها المسجد الأقصى والشيخ جراح.
في هذه المقابلة، يُطلعنا الباحث في دراسات القدس، زياد ابحيص، على أهمية هذا الإضراب الذي يجب التركيز فيه على عدّة نقاط أساسية لتحقيق هدفه، وقال إن “إضراب الغد فرصة لاستعادة الكل الفلسطيني، جبهة واحدة، وللتفرغ لنقاط المواجهة مع الاحتلال، وللرباط في المسجد الأقصى، والمواجهة والصمود في حي الشيخ جراح.
يوضح ابحيص لـ”القسطل” أن تجربة “أوسلو” أفقدت الفلسطيني قدرته على استخدام أدوات المواجهة الشعبية المباشرة، ففي الانتفاضة الأولى كان الإضراب يعني تعطيل الحياة الاقتصادية التي كانت ضرائبها تنتهي في النهاية عند الاحتلال، وبالتالي كان شكلًا من أشكال العصيان المدني، وكان رفع العلم يعني إعلان هوية، لكن اليوم- بعد أوسلو- لم تعد هذه الأمور أفعال نضالية ولم يعد لها النفس النضالي، ولا أي أثر على الاحتلال، وهذا جزء أساس ما أفقد الناس ثقتها بهذه الأدوات.
ويضيف أن إضراب الثلاثاء مهم جدًا لأنه يستعيد وحدة الجبهة الفلسطينية الكاملة في الضفة الغربية بما فيها القدس والأراضي المحتلة عام 1948 وغزة، وبالتالي تستعيد وحدة الشعب الفلسطيني، مشيرًا إلى أن هذا الإضراب هو فعل استعادة للذات، أكثر منه فعل إيذاء اقتصادي للإسرائيلي.
أما الأمر الثاني، أنه من الممكن أن يعود للإضراب معناه، إذا كان فعلُ تفرغ للذهاب لنقطة المواجهة والاشتباك مع الاحتلال على مستوى الضفة الغربية، وبالتالي هذا الأمر يمنح القدرة لأعداد كبيرة من الفلسطينيين على أن تخرج من حياتها الروتينية اليومية لنقاط الاشتباك وأن تواجه الاحتلال.
وأكد على أن الناس يُدركون تمامًا أن الإضراب العادي، ووقف الحياة الاقتصادية لم يعد مُجديًا، والمطلوب الآن أن يتحول الإضراب إلى فرصة للنزول إلى الميدان والاشتباك بدل الجلوس في المنازل.
أمّا الأمر الآخر هو فيما يتعلّق بالقدس، يبين ابحيص أن المدينة تحتاج إلى الوجود الجماهيري بشكل دائم، وبالأخص في المسجد الأقصى، وغدًا هو ثالث أيام “عيد الأسابيع” أو “الشفوعوت” العبري، والذي تراجعت فيه حكومة الاحتلال عن السماح للمستوطنين باقتحام الأقصى من تلقاء نفسها تحت ضربات المقاومة وتحت سيف الخوف من تصعيد المعركة.
ومن هذه النقطة المهمة، أكد ابحيص على أهمية أن يكون هناك رباط فلسطيني في المسجد الأقصى، بحيث يعود التأكيد على أن فشل الاقتحامات مرتبط بالإرادة الشعبية وبالرباط وبالفعل المقاوم، بكليهما معًا، وأن هذه المعادلة تصنعها القدس وغزة.
ولن نغفل عمّا يحصل في حي الشيخ جراح، حيث يُلفت ابحيص إلى أن هذا الملف ما زال مفتوحًا ولم ينتهِ بتأجيله، وقال: “يجب أن لا نسمح في التعامل مع هذا الملف وكأنه أُغلق بالتأجيل، لأنه سيعود للاشتعال في حزيران القادم، ولا يُعتبر منتهيًا إلا بإنهاء جميع المطالب التي تكمن في إعادة العائلات الثلاث؛ الكرد والغاوي وحنون، التي هجرت عام 2008 - 2009، وإعادة قبر الشيخ السعدي قبرًا إسلاميًا وإنهاء أي وجود استيطاني يدّعي زورًَا وبهتانًا أن هناك قبرًا تاريخيًا في الشيخ جراح.
وأكد لـ"القسطل" أن إضراب الثلاثاء هو فرصة لاستعادة الكل الفلسطيني، جبهة واحدة، وفرصة للتفرغ لنقاط المواجهة، وللرباط في الأقصى، والمواجهة والصمود في الشيخ جراح، وقال: “هكذا يكون إضرابًا وطنيًا ناجحًا يحقق ما يريد ويرسل لغزة الرسالة بأنها ليست وحيدة، وبأن هذا الكل الفلسطيني لن يتركها وحيدة وسيقف معها حينما تواجه وتدفع الثمن لكي تكمل الطريق في هذه المعركة”.