جداريّات الصّمود .. فنٌّ يقاوِمُ المحتلّ في القدس
القدس المحتلة - القسطل: خرج من الضفة المحتلة حاملًا معه ألوانه الجميلة، ليشارك المقدسيين الوجع والمرارة التي يعيشونها كل يوم مع الاحتلال الإسرائيلي الذي يحاول سلبهم أرضهم ومنازلهم، ينشر مستوطنيه بين أزقّة حاراتهم محاولًا استفزازهم، لكنهم دائمًا ما يُثبتون أنهم أصحاب الحق والصوت الذي يعلو فوق كل ظالم.
الفنان الفلسطيني تقي سباتين، شارك المقدسيين بالأمس في حي بطن الهوى ببلدة سلوان-الحي المهدد بالاستيلاء على 86 من منازله لصالح جمعية “عطيرت كوهنيم” الاستيطانية- من خلال رسم جداريّات تُعبّر عن القوّة الكامنة فينا، والأمل رغم الألم، وحب الحياة والتمسّك بالأرض رغم القيود.
في حديث شبكة “القسطل” مع الفنان سباتين، يوضح أن اللوحات الجدارية لا تقل أهمية عن استخدام السلاح، كمقاومة، فهي تستفزّ الاحتلال الإسرائيلي الذي كلما رآها تركت في نفسه خوفًا، فيُسرع في مسحه.
ويضيف أن الجداريات هي الواجهة الثقافية لدى الفلسطينيين والتي يُمكن نشرها حول العالم، وهي تدل على أن هذا الشعب لديه ثقافة وفن وليس فقط الشعب الذي يتعرّض لانتهاكات الاحتلال، بل إن هذه الاعتداءات “الإسرائيلية” لا تؤثّر على ممارسته الثقافية والفنية.
يشير سباتين إلى أن هذا النوع من الفن “الجداريات” يؤثّر على الرائي أكثر من النصوص، فالعالم اليوم بات يهتم للقراءة البصرية للجداريات والأعمال الفنية أكثر من قراءة نص مكوّن من سطرين أو ثلاثة، على حد وصفه.
يوم أمس، شارك الفنان الفلسطيني بألوانه “الأردنية” كما قال لنا، أهالي سلوان، متضامنًا معهم عبر رسم جدارية حملت جملة شهيرة للراحل الكاتب غسان كنفاني “لك شيء في هذا العالم.. فقم”، وأخرى للمشهد الذي يرونه أهالي حي بطن الهوى “المسجد الأقصى والسور التاريخي”، وكذلك جدارية “فلسطين أنت الحياة وأنا على قيدك أعيش”.
يبين سباتين أن الأولى، حملت جملة كنفاني إلى جانب يدٍ تخرج من تحت الأرض، يطوّقها القيد، وتحمل وردة وحطة فلسطينية، لافتًا إلى أن الفلسطينيين “عانوا طوال سنوات في سجون الاحتلال الذي حاول كسرهم وتعذيبهم وقمعهم، لكن بذرة المقاومة ما زالت موجودة في كل إنسان فلسطيني يعيش على وجه الأرض، حتى الشهداء يزيدون من خصوبة هذه البذرة”، على حد تعبيره.
أما الثانية التي تحمل جملة “فلسطين أنت الحياة وأنا على قيدك أعيش”، فقال “إنه رغم القيود التي نعيشها اليوم في فلسطين المحتلة، إلّا أننا نتمسّك بالحياة، ونخاف من الموت خوفًا على أرضنا من أن لا يأتي من يحميها ويحفظها من المحتل فيزيد من انتهاكاته فيها”.
ويضيف لـ"القسطل" أنه رسم حرزًا من البطيخ (بات رمزًا في هذا النوع من الفن) في حرف النون، دلالة على ألوان العلم الفلسطيني الذي يحاربه الاحتلال أينما وُجد، ساخرًا منه، وقال: “رسمت البطيخة كنوع من السخرية أيضًا من هذا المحتل الذي تُخيفه ألوان العلم الفلسطيني على حائط أو ورقة”.
أمّا الجدارية الثالثة فقال “يجلسون في خيمة الاعتصام في بطن الهوى، أمامهم مشهد يُحسدون عليه، سور القدس التاريخي، قبّة الصخرة المشرّفة، وقبة المصلّى القبلي، هم يخافون أن يسرق الاحتلال منهم هذا المشهد، فما بالكم بأرضهم وبيوتهم”.
استلهم الجدارية الثالثة من هذا المشهد، فرسمه كما بدا له، ثم وضع دبّوسًا أحمر (الذي يظهر لتحديد المواقع عبر الإنترنت) وكتب بجانبه “سلوان لم تقع ولن تقع..!”.
ظهر اليوم، اقتحمت شرطة الاحتلال برفقة طواقم البلدية حي بطن الهوى، ومسحت أجزاء من الجداريات التي رُسمت، لكنها لم تُكمل بسبب تصدي سكان الحي لها، وطردها من المكان.
ويعقب الفنان سباتين على ذلك قائلًا: “ما يقوم به الاحتلال من مسح الجداريات يدل على أن الحق لنا، والعالم معنا، وهو يُريد طمس هويتنا الفلسطينية وأي وجود فلسطيني، كما أن فعلهم يدل على تفاهتهم وسذاجتهم وغطرستهم”.
في الشيخ جراح أيضًا، حيث التضامن اليومي مع العائلات الـ28 المهددة بإخلاء منازلها، رسم المتضامنون جدّاريات حملت