المتّهم بدفع الشرطيّ بالأقصى.. محمود عبيد اسمٌ لَمَع بـ"المسكوبية"

المتّهم بدفع الشرطيّ بالأقصى.. محمود عبيد اسمٌ لَمَع بـ"المسكوبية"

القدس المحتلة - القسطل: “قوم يا حبيب إمّك”.. هكذا قالوا لي وأنا نائم على سريري، بعد أن فجّروا باب المنزل فجرًا، واعتقلوني بعد مصادرة هواتف أفراد العائلة، وتكبيلي وتعصيب عيني".

محمود أشرف عبيد (18 عامًا) طالب في جامعة بيرزيت، من سكان قرية العيساوية شمالي شرق القدس. خلال يومي الخميس والجمعة (20 - 21  أيار الماضي) كان في مدينة أريحا، بحسب ما أوضح لـ”القسطل”.

في يوم الجمعة، قام شاب فلسطيني بدفع شرطي “إسرائيلي” في باحات المسجد الأقصى أثناء اندلاع مواجهات في المكان، ليتم اعتقال عدد من الشبان إثر هذه الحادثة، من بينهم شبّان من البلدة القديمة اعتُقلوا مساء ذاك اليوم، بعد ضربهم بشكل وحشي، وفجرًا تم اعتقال الشاب عبيد من منزله في العيساوية.

اعتقال همجي ومصادرة هواتف العائلة..

وثّقت شرطة الاحتلال عبر كاميراتها الخاصة لحظة الاقتحام “الناعم” لبيت عبيد، وكيف وصلت إلى غرفة نومه ثم اقتادته للتحقيق بتهمة دفع الشرطي في الأقصى. لكنّ عبيد قال عكس ذلك، وبيّن أن عناصر من “اليمّام” و”الشاباك” هي التي اقتحمت المنزل عقب تفجير الباب.

وأضاف: “ما إن اقتحموا المنزل حتى وصلوا لغرفتي فورًا، وقال أحدهم “قوم يا حبيب إمّك”، ثم طلبوا هاتفي، فأبلغتهم بأنه في التصليح بأحد محال رام الله، لكنهم لم يقتنعوا، واستمرّوا في استجوابي حول الهاتف. صادروا أربعة أجهزة هاتفية لأفراد العائلة (تخص الأب والأم والأخ والأخت) كعقاب جماعي”.

أعصبوا عينيه وكبّلوا يديه، وما إن اقتادوه إلى الدورية العسكرية، وقال له أحد الجنود “ارفع رجلك كي تصعد” حتى بدأ ضربه من كل جانب، يقول عبيد: “شعرت بأنهم أربعة، تناوبوا على ضربي، على رأسي، وظهري، لا أفهم ما الذي يحصل سوى أن الضرب لا يتوقّف حتى وصلوا بي إلى المسكوبية”.

جولات التحقيق والضرب المُضاعف..

في مركز “المسكوبية” غربي القدس، وضعوا عبيد في غرفة، كسروا شيئًا في رأسه، وألقوا عليه الماء، والضرب لم يتوقّف البتّة، وكلما زاد الضرب، زاد ضحِكُ الشاب.

“لا أعلم.. في العادة عندما أتعرّض للضرب أبدأ بالضحك، وفي المركز اعتبروا بأنني استفزّهم بذلك، فكانوا يزيدون من التنكيل بي أكثر فأكثر، رغم أن ضرباتهم مؤذية وموجعة، لكن الضحك لا يتوقف”، يقول الشاب لـ"القسطل".

على مدار ما يقارب الـ13 يومًا، مكث عبيد في غرف التحقيق، وزنزانة انفرادية في “المسكوبية”، لا مقومات للحياة فيها، ولم يتم تزويده بأي من احتياجاته البسيطة. كلما نقلوه لغرف التحقيق، وفي الأماكن التي لا يوجد فيها أي كاميرات مراقبة، كان السجّانون ينكّلون به ويُبرحونه ضربًا ببساطيرهم وأيديهم وعصيّهم. وفي غرف التحقيق يضعونه على الكرسي، يُطفئون الأنوار ويغلقون الأبواب ويبدأون بالضرب.

لم تكن جولات من التحقيقات بقدر ما كانت جولات من الإهانة والضرب والانتقام، لا لسبب سوى أنه “متهم” بدفع الشرطي في المسجد الأقصى، يوم الجمعة، 21 أيار الماضي، والمتهم بريء حتى تثبت إدانته، لكن لا وجود لأي دليل يُثبت أن عبيد هو من قام بذلك.

الشاب العيساوي أوضح لمحققي الاحتلال أنه ليس الفاعل، وببساطة، حاول إقناعهم أنه كان في مدينة أريحا على مدار يومي الخميس والجمعة، وقال: “جميع الصور والمقاطع المصورة التي أروني إياها داخل غرف التحقيق لم تكن لي، وقلت لهم لست أنا، لكنهم كانوا يحاولون إجباري على الاعتراف بأنني من قام بهذا الفعل”.

“كانوا موصيين عليّ في المسكوبية” يقول عبيد، حيث لمَع اسمه في كل أروقة المركز وغرفه وممراته، وكلما قالوا “أهذا هو محمود عبيد” تعرّض للضرب.

خلال فترة اعتقاله، كُسر إصبع رجله، بسبب الضرب بالبساطير، فطلب أن يتم نقله للعلاج، لكنهم رفضوا ذلك، وقال له السجّان: “انت لازم تموت هون”، حسبما أوضح عبيد لـ”القسطل”.

محاولة الضغط للاعتراف..

في إحدى المرات التي خرج فيها مقيّدًا من المحكمة بعد تمديد اعتقاله، لم يُنقل بالبوسطة مع بقية المعتقلين، بل حضرت سيارة خاصة فيها ضابط “إسرائيلي” من المخابرات، حاول أن يكون “لطيفًا” في التعامل مع عبيد، وقدّمت له مغريات عديدة، شرط أن يعترف بدفع الشرطي بعد وصولهم للمسكوبية.

بقي محمود صامتًا، يستمع لما يقوله الضابط، وفي النهاية قال له: “سأعترف”. سعِد الضابط بذلك، وما إن وصلوا غرفة التحقيق حتى اعترف قائلًا: “كنت يومي الخميس والجمعة في أريحا، لم أصلّ في الأقصى، لم أدفع الشرطيّ، ولم أفعل أي أمر مما تقولونه”، بتلك الأقوال فاجأهم الشاب الذي أنكر جميع التهم، ورغم اعتقالهم لأفراد عائلته في محاولة للضغط عليه، وإحضار أشخاص على أنهم شهود على الواقعة.

عبيد استطاع أن يصمد في التحقيق لـ13 يومًا، بعد ذلك تم الإفراج عنه شرط إبعاده عن المسجد الأقصى لمدة ثلاثة شهور، وحبس منزلي لمدة 10 أيام، وكفالة مالية بقيمة 2000 شيقل.

الشاب الجامعي محمود عبيد، تعرّض للاعتقال سابقًا لنحو خمس مرّات، تحقيقات سريعة وإفراج، ومرة واحدة فقط تم اعتقاله وتحويله للحبس المنزلي لمدة عام كامل وذلك عام 2018 عندما كان في الـ15 من عمره.

. . .
رابط مختصر
مشاركة الخبر: