الأسير السلايمة.. إرادةٌ أقوى من الرّصاص والسّجن والغرامة
القدس المحتلة - خاص بالقسطل: قبل أشهر، أحضرت إدارة سجون الاحتلال في "ريمون" ورقة للأسير محمد السلايمة من مدينة القدس المحتلة، تخبره فيها بأن الغرامة المالية الصادرة بحقه ارتفعت إلى نصف مليون شيقل، بعد أن كانت 250 ألفًا.
في 6 آذار/ مارس عام 2015، خرج محمد من منزله في القدس المحتلة، عند الثامنة صباحًا، ما دفع أمه للاستغراب حيث من المفترض بأنها عطلة، لكنه أخبرها أن لديه عمل يريد القيام به.
تقول الأم إنها شعرت بالضيق في اللحظة التي غادر فيها محمد المنزل، وبقيت تعيش حالة من التوتر لا تدري سببها، ثم بعد فترة قرأت خبرًا على إحدى محطات التلفزة تفيد بقيام شاب بتنفيذ عملية دهس في منطقة الشيخ جراح، أصاب فيها خمسة أفراد من شرطة الاحتلال، قرب محطة القطار، ما زاد توترها وقلقها.
لم تمض دقائق على ذلك، حتى بدأ الناس يتداولون صورًا من موقع العملية، والتي أظهرت محمد ممددًا على الأرض، وهو مضرج بالدماء، عرفته أمه من خلال ملابسه، صرخت الأم بأعلى صوتها، حيث سمعها الجيران والأقارب، اعتقادًا منها بأن محمد استشهد.
8 رصاصات أطلقها جيش الاحتلال تجاه جسد محمد، إحداها أصابت صدره، تقول الأم لـ"القسطل" إنه "لولا لطف الله لكانت أصابت قلبه مباشرة"، مضيفة أن الرصاص أصاب يديه وقدمه والعمود الفقري، كادت أن تودي إلى حدوث شلل نصفي له، بحسب ما أخبرها به الأطباء لاحقًا.
تشير الأم إلى أن جيش الاحتلال ترك محمد ينزف لأكثر من ساعة دون أن يقدموا له الإسعاف، ولاحقًا أخبرها محمد بأن أحد الجنود داس رأسه حتى ينزف أكثر، وصار يبصق عليه، ويقول له "يجب أن تموت"، حينها فقد محمد الوعي وظن الجنود بأنه استشهد.
رغم وضعة الصحي الصعب، أبقى الاحتلال على محمد في مستشفى "هداسا" عين كارم بالقدس المحتلة، لمدة 18 يومًا فقط، رغم أنه فقد الكثير من الدماء، وفي ليلة من ليالي آذار الباردة، أخرجوه بملابس المستشفى "مريول" في البرد القارس، ودون حذاء، لنقله إلى سجن "عيادة الرملة"، لكنهم أبقوه لساعات في العراء وهو مصاب، قبل نقله.
تقول الأم: “لم يكن محمد يقوى على تحريك يديه ولا قدميه، الإصابة أثّرت عليه كثيرًا، وهو الآن بحاجة لعملية جراحية عاجلة لكنهم يرفضون الاستجابة له، أخبرنا الأطباء بأن يده تعاني من تكلّس في منطقة المرفق "الكوع"، وإذا حصل ذلك فيعني أن محمد سيعاني من الشلل في يده”.
وتضيف: “كانوا يأخذونه إلى العيادة، وهناك يخبره الأطباء بأنهم سيجعلونه مشلولًا طيلة حياتي، ويرفضون تقديم العلاج له، ولغاية الآن لم تجرَ له العملية، لكنه يمارس تمارين رياضية، ويحاول أن يقوم بوظائفه اليومية، حتى لا تموت الأعصاب، ويفقد الإحساس بها.
وتشير إلى أن نجلها محمد (27 عامًا) عاش مرحلة حرجة لأنه لم يكن يستطيع القيام بأدنى أموره الحياتية إلا بالاعتماد على زملائه الأسرى، لأنه معتاد على خدمة نفسه بنفسه، لكنهم كانوا يسعدونه على الاستحمام ويأخذونه لقضاء حاجته، ويطعمونه، ثم بدأ بتدريب نفسه على ضرورة الاعتماد على ذاته حتى لو لم يتم إجراء عملية له، فهو يعلم أن إدارة سجون الاحتلال تتعمد قتل الأسرى من خلال إهمالهم طبيًا.
اتهمت محكمة الاحتلال محمد السلايمة بتنفيذ عملية دهس وإصابة أفراد من الشرطة، وحكمت عليه بالسجن لمدة 25 عامًا، وغرامة مالية بقيمة 250 ألف شيقل، لكن قبل أشهر أخبروه بأنها أصبحت نصف مليون شيقل، لكن الأم تؤكد أن معنويات محمد عالية، وأنه لا يكترث بالحكم ولا بالغرامة المالية.
وفي ذلك تقول أمه لـ"القسطل" إن محمد عانى كثيرًا نتيجة تنقله بـ "البوسطة"، وفي يوم المحكمة كنا نتوقع الحكم لكنا لم نكن نتوقع قيمة الغرامة المالية، وقبل أشهر أحضرت إدارة سجن “ريمون” له ورقة بأن الغرامة ارتفعت، بادعاء أنه كلما تأخر في دفعها ستزداد قيمتها، ونحن هنا في القدس نعاني الويلات بسبب التضييق علينا، فمن أين سنأتي لهم بهذا المبلغ؟.
منذ حزيران الماضي، لم تتمكن الأم من زيارة ابنها، والاطمئنان عليه، نتيجة انقطاع الزيارات، وتطمئن عليه من خلال الأسرى المفرج عنهم من سجن “ريمون”، وتزداد مخاوفها بسبب انتشار فيروس "كورونا" حيث بعد الإصابة أصبحت مناعة محمد ضعيفة، وهم لا يهتمون بصحة الأسرى، حتى أنهم لا يحضرون لهم معقمات ولا يقومون بأي إجراء