وهم عتصيون سيتبدد
منذ أسابيع وجماعات المعبد تحاول حشد جمهورها لاقتحام الأقصى بصحبة "رموزها" وقادتها التاريخيين بمناسبة عيد الأنوار العبري، واليوم كان دور يهودا عتصيون، أكثرهم عنفاً وأشدهم تطرفاً، فحرص هو ومجموعة من أتباعه على أداء "السجود الملحمي" على أرض الأقصى، وحمل معه خرائط تظهر إزالة قبة الصخرة وتأسيس مبنى المعبد المركزي في مكانها.
عتصيون كان عضواً في التنظيم اليهودي السري الذي حاول تفجير قبة الصخرة عام 1984، وهو تنظيم قبضت شرطة الاحتلال على أعضائه وهم في مراحل متقدمة من التخطيط، ووجدت بحوزتهم خرائط مفصلة لقبة الصخرة حيث كانوا يخططون لنسفها باستخدام 16 عبوة مجموع زنتها 160 كغم وجدت بحوزتهم كذلك، وقد سُجن عتصيون سبع سنوات على خلفية تلك المحاولة، وخرج ليؤسس تنظيماً اجتماعياً عرف باسم "حي وقيوم" 1991 وغرضه المركزي أن يدعو إلى فرض صلاة اليهود في الأقصى بنشر الفكرة بين اليهود وبالاستفزاز المتواصل، وهو أول تنظيم يهودي اجتماعي تأسس لهذه الغاية.
مرت 40 عاماً على بدء محاولات عتصيون ضد الأقصى، وكان خوف المحتل من معادلة الردع الداعي الأول إلى إفشاله، ثم كان الرباط عنوان مواجهته ومواجهة كل الذين جاءوا من بعده لتحقيق غايته..
عتصيون ما يزال يحاول، وإفشال محاولاته ما يزال ممكناً جداً... وإن كان من خطرٍ يحدق بالأقصى اليوم هو أن نترك ما في أيدينا من قوة تفشل محاولاته.
لم تكن الكراسي ولا العروش ولا لجنة القدس ولا الرعايات ولا الوصايات هي من تقف في طريق عتصيون يوماً حتى يتسلل اليأس إلى القلوب اليوم، بل كان الردع وخوف المحتل من الثمن هو ما أفشله في محاولته الأولى، والرباط المستمر عنوان إفشال محاولاته اللاحقة... المعركة تدور هنا في الأقصى حيث سجد، ووقائعها تحسم هنا ... وإن كانت تغريدات ترامب وتواطؤات العرب تريد أن تخلق لنا وهماً بأن المعركة حسمت، فعتصيون ما زال يقتنص سجداته لثوانٍ على الباب وهو خارجٌ خوفاً وتحسباً...
رغم كل ما حصل، ما زال مرابطٌ واحد يحمل كاميرا يطرد صهاينة العرب خارج الأقصى قادراً على أن يهز مخططات دول، وأن تنعقد اجتماعات رباعية لتعالج ما فرضه مرابطٌ أعزل من وقائع، وما تزال تكبيرات الحناجر على الأبواب قادرة على ردع عتاة المقتحمين الصهاينة وهو ما يدفع شرطة المحتل إلى ملاحقة تلك الحناجر في الأزقة والآفاق وإلى اقتحام البيوت والاعتقالات... وما زالت يدٌ مسددة تعرف بوصلتها كتلك اليد التي أدبت ضابط الشرطة عند باب الرحمة كافيةً لإذلال جند المحتل وعسكره، ولترك جرحٍ غائرٍ في وعيهم بأن فتىً أعزلاً مستندٌ إلى حقه في الأقصى مرغ أنف ضابطهم في التراب.
فالمعركة ها هنا تدور، وها هنا تحسم... وأسود الله في الأقصى هي من تحسمها.
. . .