عراقيل سفر المقدسيين للخارج.. تضييقات احتلاليّة لا تنتهي
القدس المحتلة -القسطل: أحدَث الاحتلال منذ عام 1967 تغييرات كثيرة وجوهرية على واقع مدينة القدس وسكانها، بعدما أقرت سلطات الاحتلال التعامل مع سكان المدينة الأصليين على أنهم مقيمين داخل المدينة وليس مواطنين.
انعكس هذا الأمر بشكل كبير على كافة مناحي حياة المقدسيين، لكن قضية تنقلهم وسفرهم كانت هي الأبرز كونهم أصبحوا يملكون عدة وثائق رسمية.
وحول الوثائق التي يحملها المقدسي يقول المحامي المقدسي مدحت ديبة لـ”القسطل” أنه بسبب كون المقدسيين يعيشون تحت الاحتلال منذ عام 1967، تم إعطاء السكان العرب في القدس بطاقة هوية “إسرائيلية” بعد عملية إحصاء قامت بها داخلية الاحتلال، وتُعتبر بمثابة “حق إقامة دائم”.
وحُرم كذلك من هذه الهوية الرجال والنساء من الضفة المحتلة الذين تزوّجوا من مقدسيين ومقدسيات، وهم يحملون الهوية الفلسطينية، أو الجواز الفلسطيني، وبالتالي بات يُمنع عليهم الدخول إلى القدس، كما لا يحق لهم السفر عبر المطارات “الإسرائيلية” إلا لفئة قليلة منهم، من خلال الحصول المسبق على تصريح خاص من الاحتلال.
ويتابع ديبة في حديثه لـ”القسطل” ويقول: “وغير الهوية، حصل المقدسي أيضًا على جواز سفر أردني مؤقت من أجل تسهيل عملية تنقله عبر الحدود بموجب اتفاقيات أردنية- إسرائيلية منذ عام 1983، حيث قام الأردن بمنح هذه الجوازات المؤقتة بشكل واسع للفلسطينيين”.
أما الوثيقة الثالثة التي يحملها المقدسي، فهي جواز السفر “الإسرائيلي” أو ما يسمى بـ”لاسيباسيه”، مُحدّد لفترة معيّنة، ويجدّد، وذلك من أجل سفره عبر مطارات الاحتلال، بحسب ديبة.
مع قدوم السلطة الفلسطينية إلى فلسطين عام 1994، تم إصدار هويات فلسطينية “خضراء اللون” لحوالي 296 ألف مقدسي، بحسب موقع الجزيرة، وهذه الفئة تُمنع من استخدام مطارات الاحتلال، ويمكنهم السفر براً من خلال معبر الكرامة مع الجانب الأردني.
أما أصحاب الهويات “الإسرائيلية”، زرقاء اللون، فهي هوية بدون جنسية “إسرائيلية”، ويتم إصدارها من قبل الاحتلال، ويحصل عليها الفلسطينيون المُقيمون داخل القدس، وبحسب الاحتلال هم ليسوا “مواطنين”.
وهناك أيضًا هويات لمقدسيين خاصة لمن منحتهم دولة الاحتلال الجنسية “الإسرائيلية” وجواز سفر، حيث يقدّر عدد الحاصلين عليها من أهل القدس، نحو 24 ألف مقدسي (بحسب موقع الجزيرة) ولا يُسمح لهم بإصدار جواز سفر أردني أو فلسطيني، إلا في حالات استثنائية، مثل الحج والعمرة.
يقول مازن الجعبري الباحث في الشأن المقدسي لـ”القسطل” إن “إسرائيل” منحت المقدسيين الهوية “الزرقاء”، لكنها تعاملت معهم على أنهم “مقيمين إقامة دائمة” داخل القدس، وليس لهم الحق في الإقامة، ولذلك تم إدراج جواز السفر الأردني ضمن الوثائق الرسمية للمقدسيين.
وتابع: “حتى جواز السفر الأردني لا يوجد به رقم وطني، ما يعني أننا نحمل جواز السفر الأردني فقط لأغراض السفر والتنقل، وفيما بعد استحدث الإسرائيليون ما يسمى بـ”وثيقة السفر”، وداخل هذه الوثيقة يُكتب في خانة القومية “بلا قومية”.
ويضيف الجعبري: “إذا أراد المقدسي السفر لأي مكان، تقوم سلطات الاحتلال بإصدار “فيزا” له في نهاية الجواز وهي بمثابة موافقة من وزارة داخلية الاحتلال على السماح له بالرجوع إلى مدينة القدس بعد انتهاء السفر”.
ويبين أن هذه الإجراءات لا تنطبق على حملة جواز السفر “الإسرائيلي”، لكن هذه الفئة أساسًا فئة جدًا قليلة مقارنة بعدد سكان القدس الذي يصل إلى 370 ألف مقدسي.
أما حملة الجوازات الأجنبية فهم لا يستطيعون إظهار هذا الجواز بأريحية كونه يُمنع على المقدسي ازدواجية الجنسية، بحسب الجعبري.
“مع قدوم السلطة الفلسطينية وضعت سلطات الاحتلال حواجز عسكرية تمنع من التحرك إلى داخل وخارج القدس، لكن حملة الهوية الإسرائيلية “الزرقاء” أو “الخضراء” يمكنهم التنقل إلى كافة الأراضي المحتلة عدا قطاع غزة”، يوضح الجعبري.
ويشير إلى أن المقدسي إذا بقي خارج المدينة لمدة 7 سنوات يفقد حق إقامته داخل مدينة القدس للأبد، وتُسحب منه هويته “الإسرائيلية”، وهذه الإجراءات تأتي ضمن القوانين “الإسرائيلية” التي وُضعت لمنع اللاجئين من العودة إلى قراهم ومدنهم بعد هجرة عام 1948 وهو الآن وطيلة الوقت يطبق على المقدسيين.
يؤكد المحامي مدحت ديبة أن تعدد هذه الوثائق، وزواج المقدسيين من خارج القدس، أدى إلى خسارة أكثر من 16 ألف هوية “إسرائيلية” لمقدسيين.