"تلفريك" في قلب القدس.. تعزيزٌ لسياسة الضّم والسيطرة والتهويد في العاصمة
القدس المحتلة - القسطل: منذ سنوات والعائلات الفلسطينية تُحارب مشروعًا تهويديًا خطيرًا سيفرض مزيدًا من السيطرة على مدينة القدس، وسيربط غربيّها بشرقيّها، يروّج له على أنه مشروع سياحيّ يخدم المدينة، إلّا أن أهدافه باتت واضحة وخطيرة ستقتل الحركة التجارية في البلدة القديمة وستسلب المقدسيين حقوقهم وممتلكاتهم بحجة إقامة هذا المشروع.
في الـ23 من شباط الجاري 2021، أصدرت المحكمة العليا التابعة للاحتلال امرًا احترازيًا حول مشروع القطار الهوائي الاستيطاني في القدس “التلفريك، وبناء عليه طالبت المحكمة، حكومة الاحتلال القائمة على مشروع القطار بتفسيرات حول مبررات إقامة المشروع في محيط البلدة القديمة بالقدس، وأمهلتها حتى الـ22 من شهر نيسان القادم.
اتحاد الائتلاف الأهلي لحقوق الفلسطينيين في القدس، أفاد نقلاً عن محاميه سامي ارشيد الذي يمثل العائلات في وادي حلوة والتجار في البلدة القديمة بأن قرار المحكمة العليا جاء بعد جلسة عُقدت في الـ29 من شهر حزيران عام 2020، للنظر بالالتماس ضد موافقة حكومة الاحتلال و”اللجنة القطرية للتنظيم والبناء” و”سلطة الطبيعة وتطوير القدس” على مشروع “التلفريك”.
وأضاف المحامي أن قرار المحكمة يُلزم الحكومة بالرد على الالتماسات المقدمة، وإقناع المحكمة بعدم إلغاء المشروع، وصلاحية اللجنة القطرية للبنية التحتية للنظر في المخطط وليس لجان التنظيم العادية.
وأوضح أن المحكمة وبعد المهلة الممنوحة للحكومة ستواصل سماع الالتماسات ضد مشروع القطار الهوائي، وعليه ستقرر إلغاء المخطط أو استمراره.
مشروع تهويديّ خطير ..
ارشيد بيّن أنه خلال الجلسة التي عُقدت منتصف العام الماضي، أكد من خلال الالتماسات التي قدمها باسم أهالي سلوان وتجار البلدة القديمة، أن المشروع لا يعد مشروعاً سياحياً ولا يخدم أهالي سلوان والقدس القديمة، إنما هو لخدمة الوجود الاستيطاني في مدينة القدس بشكل عام وفي البلدة القديمة وحي وادي حلوة بشكل خاص، وتسهيل الحركة والوصول إلى مراكز جمعية “إلعاد” الاستيطانية.
وأكد في الجلسة أن المشروع يمس البلدة القديمة وتاريخها والمنظر العام في المنطقة، وسيؤدي إلى مصادرة أراض مملوكة للأهالي وهدم منازل، كما يمس خصوصية السكان بمرور السلال من فوقها.
ولفت ارشيد إلى أن المشروع اشتق من “المشروع الهيكلي الخاص المحيط بالقدس القديمة”، والذي بدأت سلطات الاحتلال العمل عليه قبل حوالي عشر سنوات، وقبل نحو عامين، قامت ما تسمى بـ”سلطة تطوير القدس” بإطلاق وإعلان مشروع القطار الهوائي في محيط البلدة القديمة بالشراكة مع بلدية الاحتلال في القدس، ووزارتي المواصلات والسياحة، حيث تعتبر سلطات الاحتلال أن هذا المشروع هو ضمن “المشاريع القومية الوطنية للمواصلات ونقل السياح إلى البلدة القديمة”.
تفاصيل أكثر ..
منذ عام 2018 وحتى اليوم، والأهالي يحاربون هذا المشروع الذي يربط غربي المدينة بالبلدة القديمة مرورًا فوق حي وادي حلوة في سلوان إلى باب المغاربة، ويهدف إلى تغيير معالم البلدة القديمة والهوية التراثية لها وسيضر بالحركة التجارية فيها، كما سيلحق أضرارًا بالعائلات في وادي حلوة.
المحامي ارشيد أوضح مخاطر وأبعاد وتأثيرات هذا المخطط على أهالي حي وادي حلوة في سلوان وممتلكاتهم وخاصة البيوت التي يمر من فوقها القطار الهوائي، إضافة إلى أنه سيغيّر معالم القدس، وهو جزء من المخطط الهيكلي الخاص بمحيط البلدة القديمة.
بحسب الائتلاف الأهلي، فإن “اللجنة القطرية” التابعة للاحتلال نظرت في جميع الاعتراضات التي قُدّمت لها من قبل العائلات خلال فترة زمنية قصيرة جدًا غير مسبوقة والتي تجاوزت سياسة التخطيط العادية، ومن ثم تمت المصادقة النهائية على المشروع، معتبرًا أن الوقت القصير الذي وُضع لنقاش الاعتراضات يؤكد على أبعاد المشروع وسياسة التسريع لدى القطرية في تنفيذ المشاريع التهويدية في المدينة، لافتًا إلى أن حكومة الاحتلال رصدت مبلغ 200 مليون شيقل لتنفيذ المشروع.
وصف المشروع وأهدافه ..
يبلغ طول خط التلفريك 1,6 كم على ثلاث أجزاء؛ طول الأول 1300 متر يمتد من محطة القطار القديمة في أبو طور (الثوري) إلى جانب أسوار البلدة القديمة بين أبوابه والنبي داود والجهة الخارجية لسور المسجد الأقصى، وطول الجزء الثاني 1000 متر يربط البلدة القديمة بجبل الزيتون (شرقًا) قرب فندق الأقواس السبعة، أما الجزء الثالث فطوله 500 متر من جبل الزيتون إلى المنطقة الواقعة قرب كنيسة الجثمانية (على مقربة من باب الأسباط). وحسب المخطط سيشمل خط “التلفريك” 73 عربة ستعمل على نقل 3000 راكب كل ساعة.
الائتلاف أوضح في بيانه أنه بالرغم من كل الادعاءات بأن الهدف من بناء “التلفريك” هو سياحي من أجل تسهيل وصول السياح إلى البلدة القديمة، إلّا أنه جزء من المخطط الشامل الذي يهدف إلى تهويد وأسرلة مدينة القدس، وبالتالي فإنه يحمل في طياته أبعادًا أيدولوجية تهويدية.
وبحسب الائتلاف، سيؤثر المشروع على سكان حي وادي حلوة والعائلات التي سيمر القطار من فوقها، وسيصادر الملكيات الخاصة لصالح إقامة الأعمدة والكوابل الخاصة به، وسيعمل على ضرب الحركة التجارية في البلدة القديمة ومنطقة باب العامود -المدخل التجاري الرئيسي- من خلال ربط القادمين للبلدة بخط القطار وباب المغاربة.
وأشار إلى أن بناء خط “التلفريك” هو جزء من مخططات سلطات الاحتلال التي تهدف إلى تعزيز سياسة الضم والسيطرة والتهويد للمدينة، والتي منها بناء وتوسيع المستوطنات، وبناء القطار السريع الذي يعمل على ربط المستوطنات بغربي المدينة وربط بعضها مع بعض.
وأكد على أن المشروع الذي يتم الترويج له على أنه يهدف إلى تعزيز السياحة والمواصلات في منطقة البلدة القديمة وجبل الزيتون، سيعمل على تعزيز الرواية “الإسرائيلية” من خلال خلق وقائع على الأرض تدعم تلك الرواية.
وأوضح الائتلاف الأهلي أن تنفيذ هذا المشروع هو خرق واضح للقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان، مؤكدًا أن القدس مدينة محتلة وجزء من الأراضي المحتلة، محمّلاً دولة الاحتلال مسؤولية بناء وتعزيز الاستيطان وتعزيز سياسة الضم والتهويد لمدينة القدس.
ودعا الائتلاف الأهلي المجتمع الدولي بالعمل على وقف الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة بحق شعبنا الفلسطيني في مدينة القدس وفرض العقوبات عليها، مطالبًا الأطراف المتعاقدة في لتقافية جنيف للعام 1949 بتحمل مسؤولياتها تحت البند رقم 1 الداعي لاحترام بنود الاتفاقية وإلزام دولة الاحتلال على احترامها.
كما طالب الدول والهيئات الدولية بمنع الشركات الخاصة من العمل والمساهمة في تكريس الاحتلال وسياسة الاستيطان والضم التي تمارس بحق القدس والمقدسيين.