المد الجماهيري في القدس: أين موقع الأوقاف منه؟
في اقتحام الأضحى 2019 شكّل المرابطون سلسلة بشرية في مواجهة شرطة الاحتلال، وظل بعض المشايخ ومدير الأوقاف وشخصيات مقربة من السلطة يلعبون دور التهدئة وشرطة الاحتلال محتشدة تترقب... أفلحت جهود التهدئة للأسف في إعادة الشباب إلى الخلف، وتخفيف التوتر؛ فما كان من شرطة الاحتلال إلا أن استغلت هذه الجهود التي مهّدت لها المشهد لتبدأ هجومها المتأخر في ظرفٍ غير مواتٍ للشباب والمرابطين في صباح الساعة 11 من ذلك اليوم، وفرضت اقتحام المستوطنين من باب المغاربة إلى باب السلسلة تحت وابل القنابل.
الاحتلال لديه هدف مركزي يريد تحقيقه هو تهويد الأقصى، وهدف آني هو فرض اقتحام 28 رمضان، الاحتلال هو من قرر أن يحول الأقصى إلى ساحة مواجهة وليس المرابطين. بالمقابل، فإن أوقاف القدس مرجعيتها هي الحكومة الأردنية، خصوصاً بعد التغييرات في مجلس الأوقاف التي حولته إلى مجلس موظفين بدل أن يكون هيئة قرار مقدسية.
وبينما كان الأقصى يتحول إلى مركز معركة على الهوية والوجود منذ 1990 حتى اليوم بشكل متصاعد عبر انتفاضاتٍ وهبات متتالية، كان الأردن الرسمي خلال تلك الفترة يوقع اتفاقية وادي عربة واتفاقية الغاز وناقل البحرين والمناطق الحرة المشتركة وتشغيل عماله في "إيلات" واعتمد ميناء حيفا كميناء مساند بديلاً عن اللاذقية بعد الثورة السورية، وبالأمس فقط كان سفيره في الكيان يأكل "السمبوسك" على مأدبة الرئيس الصهيوني ريوفين ريفلن، والأردن الرسمي لا يريد الانخراط في مواجهة في الأقصى بأي حال من الأحوال.
موظفو أوقاف القدس بينهم بلا شك الكثير من المخلصين والحريصين من أبناء القدس، وحراس الأقصى الذين افتدوه بدمائهم، لكن إدارة الأوقاف في نهاية المطاف تعبر عن نظرة الحكومة الأردنية إلى الأقصى أكثر مما تعبر عن ما تتطلبه المعركة في الأقصى، وهذه الفجوة آخذة في الاتساع: الأقصى في معركة وجودية نكون أو لا نكون، وشرطة الاحتلال على باب المغاربة تحشد مئات عناصرها لنية تبيّتُها، بينما توجيهات موظفي الأوقاف إلى الشباب "بتجنب استفزازهم"! ...إذا كانت شرطة الاحتلال لا تريد الاستفزاز فلماذا يحتشد جنودها في ليلة القدر بكامل عتادهم؟ وماذا لو هدأنا الآن وتراجع الاستعداد والاستنفار ثم دخلوا الأقصى وطردوا المرابطين في الوقت الذي يواتيهم كما حصل بالفعل أكثر من مرة؟
باختصار، أوقاف القدس بمرجعيتها الحكومية الأردنية ليست مؤهلة لأن تكون قائداً أو سقفاً للحراك الشعبي للمرابطين، بل الموقع الموضوعي لها هو أن تقف خلف الناس تحتمي بهم وتستفيد من التراجعات التي يفرضونها على الاحتلال، ووجودها في المقدمة هو تناقض وعنوان مستمر لبلبلة الصف يضطر الحراك الشعبي المقدسي لمواجهته في كل هبّة، ولا بد من طي صفحته بالتقدم لفعل ما تقتضيه معركة الدفاع عن الأقصى.
. . .